Sunday, February 12, 2012

الوعظ المبصر لا الأعور







قام الواعظ بعد الصلاة ليذكر الناس ، وقد فعل ، وليته أكمل وأوفى! ولكن كعادة غالبية الوعاظ، يبصر بعين واحدة ولا يستعمل الأخرى ، وبدأت أعراض استخدام العين الواحدة اليسرى تسري بين السالكين في دروب الوعظ والمبتدئين في الخطابة!

س: ماذا تقصد بكلامك ذاك؟ وهل هذا انتقاد للوعاظ بجملتهم ؟

ج: لا ، فأنا أحب الوعظ ، والمؤمنون تعجبهم وتنفعهم الذكرى الكاملة ، وليس النصف المحبط ، وتذكرت عندما كنا صغارا نذكر هذا اللغز : ما الشيئ الذي إذا أكلت نصفه تموت وإذا أكلته كاملا تتلذ ولا تموت؟ والجواب هو السمسم ! فنحن نريد من أحبائنا الوعاظ السمسم كاملا لا نصفه!

لن أزيدكم حيره فلننظر الى كتاب الله الذي قرن ذكر العذاب بذكر الثواب في أغلب المواطن ، ولم يذكر العذاب منفصلا وحده إلا اليسير، فعند ذكر أصحاب النار يأتي ذكر أصحاب الجنة ، والمقابلة بين الجحيم والنعيم مطردة متكررة ، وبين عليين وسجيّن ، وبين المفلحين والخاسرين، وقد وصف الله تعالى نفسه بالغفور الرحيم وبشديد العقاب.

وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة كذلك حيث قرن عاقبة المؤمن وعاقبة الكافر كما في الحديث الصحيح "رواه أحمد": 

إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ .....



وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ ....

بل إن المصنفين من علماء الأمة في تآليفهم قرنوا الأمرين ككتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري رحمه الله وغيره كثر.



ختاما

أحبابنا الوعاظ لا تحبطوا ولا تقنـّطوا الناس من رحمة الله من جهة ، ولا تهونوا عليهم عذابه من جهة أخرى، كل المراد هو أن نجعل الخاطرة الوعظية والخطبة التذكيرية - ولو قصرت -  ذات شقين احدها ترغيبا لرحمة الله ونعيمه وكرمه ، والأخرى ترهيبا من عذابه ، حتى نزيل العور من الوعظ فتبصر العينان : يمنى تحن الى الجنة ، ويسرى تحذر العقوبة، وعنه صلى الله عليه وسلم : يسروا و لا تعسروا ، و بشروا و لا تنفروا.

كتبه الفقير الى عفو ربه 

No comments:

Post a Comment