Tuesday, January 31, 2012

شيخ القرية مسلم مسيحي - قصة واقعية


في أواخر الثمانينات ، وفي شرق جزيرة جاوا الاندونيسية ، أبحرت ثلاثة قوارب من مدينة سورابايا صوب جزيرة صغيرة لايتجاوز قطرها كيلومترا واحدا ، وكان البحر هادئا والجو لطيفا يتخلله شيئ من رذاذ المطر الخفيف مما جعل الساعات الأولى لذلك الصباح تجربة رائعة للوفد الخيري الذي يزور الجزيرة الصغيرة لحضور حفل افتتاح المسجد هناك ، ويبدو أن الحدث كان هاما جدا لأهل القرية الوحيدة بالجزيرة ، والذين اصطفوا على الشاطئ الصغير والنظيف يرقبون حركة السفن والقوارب ، وكادوا يتقافزون من الفرح عندما تأكدوا أن القوارب الثلاثة الصغيرة تقل الوفد المرتقب الذي نزل واستقبله سكان الجزيرة بالابتسامات والبشر والترحيب والمصافحات الحارة ، واتجه الجميع الى ساحة المسجد ليبدأ الحفل القروي البسيط بالقرآن وببعض الكلمات ثم الوليمة التي تكفلت بها الجمعية الخيرة لأهل القرية.

(المسجد الجديد)

كانت مناسبة جميلة مرت بسلام ، وتفرق القرويون رجالا ونساء وأطفالا لأعمالهم الزراعية والبحرية والمنزلية ، ولم يبق مع الوفد إلا زعيم القرية العجوز وبعض الاعيان والمترجم يشربون الشاي ، ودار هذا الحوار بينهم حيث قال المترجم أن شيخ القرية كان مسيحيا ودخل الاسلام، فدعا له أعضاء الوفد الزائر بالثبات على الاسلام ، ثم حدثت المفاجأة حينما قال مساعد الزعيم : وقبل أن يكون مسيحيا كان مسلما !!!

هنا كاد بعض أعضاء الوفد أن يشرقوا بالشاي ، ونظروا بسرعة مرة أخرى الى الزعيم وفي أذهانهم عشرات الأسئلة التي قفزت الى السنتهم في وقت واحد! فمرت دقيقة عليهم يتحدثون جميعا في نفس الوقت ، والزعيم مطرق برأسه في الأرض ، فقال رئيس الوفد للمترجم بلطف وأدب: هل يمكن للزعيم أن يحكي لنا حكايته إن لم يكن هناك حرج؟

فأجابهم الزعيم بقصته: قائلا مرّ علينا في الجزيرة أيام الحرب العالمية الثانية فقر شديد، فجاء المسيحيون وافتتحوا عيادة وكنيسة ومدرسة مجانية وأخذوا يوزعون الاعانات والأطعمة مجانا لمدة ثلاث سنوات حتى أصبحت مساعداتهم وخدماتهم جزءا من حياتنا، وبعد مضي السنوات الثلاث اخبرنا القسيس بأن خدمات العيادة والمدرسة والأطعمة مخصصة لمن سيدخل دين المسيح فقط! فكان ذلك الاعلان صدمة هائلة لأهل الجزيرة!

فتشاور أعيان القرية ! ثم قررنا أن نتحول للمسيحية لنستفيد من تلك الخدمات ، ومرت سنوات على ذلك ، وأصبحت معاونا للراهب الهولندي ، وألقي قداس الأحد أسبوعيا، وألبس اللبس الكهنوتي ، وأهل قريتي يتابعونني .

وفي بداية السبعينات بدأت الأحوال الاقتصادية في اندونيسيا بالتحسن ، حي قررت الحكومة رصف شارع بالجزيرة يمر بممتلكاتي وأعطوني تعويضا ماليا جيدا، ثم صمت الزعيم - ليكمل مساعده : لا أنسى تلك الليلة التي اختفى فيها الزعيم فجأه ! حيث بحثنا عنه ولم نجده ، وسألنا زوجته فقالت : خرج في الصباح الباكر ولم يخبرني الى أين ذاهب ، ولم أكن أعتقد أنه سيسافر، ثم عرفنا من صاحب أحد القوارب أنه نقله الى مدينة سورابايا ، ولم يزدنا أكثر من ذلك ؟؟؟

وبعد مرور أربعة أشهر عاد الزعيم ليجتمع عليه اهل القرية ليسألوه : أين كنت ؟؟ فقال ذهبت الى مكة لأداء الحج بمبلغ التعويض ؟ هيا عودوا الى دينكم ، فالحمد لله أغنانا الله بفضله ، وعسى أن يتوب علينا من المصيبة التي ارتكبناها ، فكاد القسيس الهولندي أن يغشى عليه ، وحاول معهم عاما كاملا ، بدون جدوى حيث حاول ابناء القرية أن يقنعوه بالاسلام ، عندها غادر الى هولندا بعد عشرين سنة من المسيحية التي انتهت الى غير رجعة.

(الكنيسة المهجورة)

فقال الزعيم : إن هذا المسجد الذي بنيتموه لنا أعاد لنا العزة بديننا ، والحمد لله فإن وجود الداعية المقيم بيننا خير عاصم لنا من الزلل ، وكل الذي نرجوه منكم أن تبلغوا المحسن الكريم شكرنا وسلامنا ، فهذا المسجد هو حياتنا وروحنا ومنه سندخل الجنة ونفر من النار.

موثق القصة : الفقير لعفو ربه 

No comments:

Post a Comment