Monday, April 23, 2012

حكاية ملك الغربان





قصـة على هيئة قصـيدة جميلة لأحمد شـوقي يصف فيها ملك الغربان وعظم مملكته وحجم أريكته(كرسيّه) وأقسام القصر وستائره (خدوره) وغرف النوم (المهود) لصغاره.
 حيث جاء الى ملك الغربان في أحد الأيام الغراب الحكيم المستشار واسمه "نُدُور" المعروف بالحزم ورجاحة العقل، جاء مادحا وناصحا فذكر طيب أصل الملك وجدوده الأخيار، وأنه يحب الناصحين، ثم حذره من سوسة النخل(حشرة ضارة) التي دخلت جوف النخله لتنخره وتتلفه.
واقترح على ملك الغربان أن يرسل اليها الحَرَس قبل أن تدمر النخلة العظيمة حيث مقر حكومة المملكة ، ولكن ملك الغربان ضحك من نصيحة مستشاره وخادمه وقرّبه من كرسيه قائلاً: إن مقامه الكبير يمنعه من اصدار هذا الأمر لحشرة تافهة ، وأنه -أي ملك الغربان- ذا السلاح الكبير(الشوكة) وصاحب الجناح الضخم والمنقار الحاد لايليق لمثله الاهتمام بذلك، ثم أتبع قائلا (أنا لاأنظر في هذي الأمور) فلم يستمع لنصح الخادم.
ومر عامان على النصيحة والسوسة تنخر الجذع من الداخل وقد تكاثرت لتكون جيشا من السوس التقم والتهم باطن الجذع وجوّفه تجويفا مُخيفا وكبيرا ، وبعد مدة هبت الريح الشديدة فسهل عليها اقتلاع النخلة الجوفاء ، فسقطت وهوت الى الأرض وارتطمت بالتراب والحصى!!
 وذُهل وتفاجأ ملك الغربان بأمر لم يكن يتوقعه ، ودعا خادمه ليشور عليه بالرأي في هذه الكارثة الكبرى ، فأجابة إجابة بليغة تجدها في البيت الأخير بهذه المنظومة الجميلة.
وفي الختام من قبل النصيحة من الحكماء المتقين أفلح وكان من الفائزين.
نثر القصيدة الفقير الى الله






كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ                    وله في النخلة ِ الكبرى أريكْ
فيه كرسيٌّ، وخِدْرٌ، ومُهودْ                       لصغارِ الملك أصحابِ العهود
جاءهُ يوماً ندورُ الخادمُ                          وهوَ في البابِ الأمينُ الحازمُ
قال: يا فرعَ الملوكِ الصالحينْ                   أنت ما زلتَ تحبُّ الناصحينْ
سوسة ٌكانت على القصرِ تدورْ                   جازتْ القصرَ،ودبتْ في الجذور
فابعث الغربانَ في إهلاكها                       قبلَ أن نهلكَ في أشراكها
ضحكَ السلطانُ من هذا المقال                   ثم أدنى خادمَ الخير، وقال:
أنا ربُّ الشوكة ِ الضافي الجناح                 أنا ذو المنقارِ، غلاَّبُ الرياح
أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور                     أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور
ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام                         قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام
وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها                         فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها
فهوتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير                      وَهَوَى الديوانُ، وانقضَّ السَّرير
فدها السلطان ذا الخطبُ المهول                 ودعا خادمه الغالي يقول:
يا ندورَ الخير، أسعفْ بالصياح                  ما تَرى ما فعلَتْ فينا الرياح؟
قال: يا مولايَ، لا تسأل ندور                   أنا لا أنظر في هذي الأمور!


6 comments: