Saturday, March 24, 2012

سر العين البيضاء




لصديقي العزيز منصور -حفظه الله - مزعة نخيل جميلة تطل على المحيط ، يتوسطها بيت ظريف ،وقد اعتنى بها عناية المعماري الذي طبق قوانين الهندسة والجمال على ممتلكاته الخاصة : فكانت النتيجة رائعة ، ولعل نيـّته ليست التباهي ولكن اجتذاب الضيوف من الارحام والاصدقاء ليستجموا وليروحوا عن أنفسهم المكدودة فيسعدوا هم ويحتسب هو الأجر ومتعة مؤانستهم.

ويعمل بتلك المزرعة القاصية بستاني شاب في بداية العشرين من عمره ، يكد ويجتهد ، وعلاقته بمنصور صاحب المزرعة تجاوزت علاقة الموظف برب العمل الى الأخوة والخلطة الاجتماعية الودودة.

وقد لاحظ منصور أن المزارع يميل بوجه قليلا عند النظر للأشياء فسأله عن ذلك - وبعد تردد أجاب - بحزن خفي - أن في عينه  اليمنى ماءً أبيضاً حاول علاجه مرارا ولكنه لم يفلح!

وبعد أيام عندما عاد منصور الى بيته وعلى مائدة الافطار تناول جريدة الصباح ليقرأ في احدى صفحاتها الداخلية اعلانا عن طبيب عيون اسباني عالمي يزور مدينتهم ، فقفز  الى ذهنه صديقه المزارع العليل، فاتصل به في قريته النائية وحجز له موعدا مع ذلك الطبيب النطـّاسي.

وعندما حل الموعد وفحصه الطبيب ألقى على منصور وصديقه المزارع خبرا اختلطت به السعادة والحزن قائلا ً: العين اليمنى تمكن منها الماء الأبيض الى العمى ومعالجتها صعبة وميؤوس منها ،والعين اليسرى بدأ فيها المرض حديثا ويمكن اجراء العملية بها الآن لتداركها قبل ان تلحق باختها الاخرى ، فما قراركم ؟ فأجاب منصور على الفور : دونك صديقي وعالجه بما ما تستطيع ، فهو شاب حياته وآماله الطيبة أمامه .






عالج الطبيب المزارع الشاب وأعطاه قطرة لعينه يقطرها مرة في الصباح ومرة في المساء ، ووعده بإعادة الفحص بعد ثلاثة أشهر عند زيارته القادمة.

شكر المزارعُ منصورا وودعه وانطلق الى قريته يسترجع ما مر به ، ويخطط لما هو آت ، وقد أصابه شيئ من الاضطراب في فهم مراد اطبيب عندما أعطاه القطرة أهي للعين التي تم علاجها أم أن القطرة للعينين كلتاهما ؟ واستحيى أن يتصل بصاحبة مخافة الاثقال عليه خصوصا وأنه تكفل بمصاريف سفره وعلاجه ، فقرر أن يقطر الدواء في العينين دون تفريق.

مرت الأشهر الثلاثة وحان موعد مقابلة الطبيب الزائر الذي فحص عيني المزارع ليصاب الطبيب بشيئ من الذهول وهو يسجل سابقة علمية نادرة في حياته الطبية وسأل المزارع بلهفة وبصوت مرتفع أخافه :ما صنعت بعينك أيها الشاب ؟؟!! مما أجفل صاحبنا وصديقه وكأنه أرتكب أم الكبائر ، فرد مرتجفا : لاشيئ سوى أنني احترت في القطرة أهي لعين واحدة أم للعينين ، فقررت أن أقطرهما كلتيهما. نظر الطبيب الى منصور وقال صاحبك محظوظ فعينه المعالجة برئت تماما ، والأخرى الميئوس منها تحسنت لدرجة أنني أستطيع أجري له فيها عملية كأختها لتعود سليمة معافاة.

وفعلا شاء الله ذلك فبرئت عينا المزارع لحسن ظنه بربه وتزوج وانجب ، فيا ليت لنا بساطة المزارعين في حسن الظن بالله وجميل التوكل عليه والاعراض عن المتشائمين المثبطين .





وثق هذه القصة الواقعية الفقير الى الله

No comments:

Post a Comment